لماذا خلقنا الله؟

0

 بعد أن اثبتنا أن للكون صانع أو خالق، عليم، حكيم، قدير، خبير.. إلخ  فإن السؤال الذي يتبادر إلى عقلنا الأن  :

 لماذا خلق؟!

لماذا خلقنا الله؟

إننا ندرك بالعقل أنه لا يوجد شاعر لم يقرض الشعر..

ولا رسام لم يرسم لوحة.

ولا سباح لا يعرف السباحة.

ولا موسيقار لم يعزف مقطوعة موسيقية واحدة.

فكيف يوجد خالق لم يخلق؟!

كيف تسمي فلانًا نجارًا، أو حدادًا، أو مخترعًا، إلا إذا وجدت من كل منهم  أفعالًا دالة على وجود هذه الأوصاف فيهم واستحقاقهم لمسمياتها؟!

لماذا خلقنا الله؟

إذن :

الخالق خلق.. لأنه خالق!!

فهل هو خالق بالصدفة أم خالق مطلق؟

يحدث مثلا حين نقول لأحدهم : إن فلانا صنع كرسيًا.. ياله من نجارٍ ماهر , فيعلق ساخرًا : هه.. إنها صدفة.. وهو ليس نجارًا ولا يفهم في النجارة! وربما يعجز عن صنع آخر أو لا يتقن صناعة غيره..

وكذلك مثلا لا يقال أن فلانا رسام لأنه رسم لوحة واحدة, فربما جاءت معه صدفة أو ربما لا يجيد رسم غيرها..

إن الإنسان لا يصدق عليه وصف الصانع إلا اذا كان متقنا لصنعته، والإتقان لا يأتي من أول مرة, فلا إتقان دون خبرة، ولا خبرة دون فعل ذلك مرات ومرات .

والصانع الذي لا يجيد سوى صنع الساعات فقط، هو صانع مقيد وليس مطلق الصنعة، إذ هو لا يجيد صنع غيرها من الصناعات الاخرى..

وربما تكون أول ساعة جاءت معه صدفة ثم كررها تقليدًا.. فهو لا يستطيع حتى أن يطور فيها.

هذا هو الصانع المقيد.

ولكن إن كان يصنع الساعات والماكينات والسيارات والدراجات و.. و.. و... فهو إذن الصانع دون تحديد ودون قيد.. هو الصانع المطلق..

هكذا الله الخالق العظيم.. خالق مطلق؛ لأنه خلق أنواع متعددة

وهذا جواب السؤال لماذا خلق؟ ولماذا تنوعت مخلوقاته؟

خلق لأنه خالق.. كالرسام هو رسام لأنه يرسم

وتنوعت مخلوقاته لأنه خالق مطلق، وليس خالقا بالصدفة، ومخلوقاته بلا حدود..


ما الغاية من تنوع الخلق؟

للجواب على هذا السؤال نعود إلى الرسام الذي بدأنا رحلتنا عند لوحته..

ودعونا نقول أنه رسام حر، طليق من كل قيد بلون أو فن محدد..

فهنا ستجده يرسم لوحة سريالية، ولوحة تكعيبية، ولوحة واقعية يحاكي فيها الواقع، ويرسم "بورتوريهات" أو لوحات لأشخاص.. وهكذا تدفعه حاسة الإبداع الحرة إلى التنوع..

النجار مثلا، سيصنع سريرا للنوم، وكرسيا للجلوس، ومنضدة للطعام و.... إلخ

والكرسي نفسه مثلا؛ ستجده يصنع كرسيا بأربع دعائم "أرجل"، وثان بدعامتين عريضتين، وثالث بدعامة واحدة مربعة أو مدورة أو مثلثة.. إلخ.

فالمبدع الحر الطليق من كل قيد يكون متنوعا في إبداعه وصنعته.

إذن العقل يثبت أن الخالق الواحد قادر على تنويع الخلق، وأن الغاية وراء ذلك هي ثبوت الصفة المطلقة..

لذلك نجد في الكون تنوع إبداعي في الصنعة عجيب: فمن حيث المواد اكتشفنا حتى الآن منها ما هو : صلب وسائل وغاز

ومن حيث الحس: هناك المخلوقات الصماء عديمة الحس، وهناك مخلوقات بحواس خمس, أو أقل أو أكثر!

ومن حيث الفكر : هناك مخلوقات عاقلة، وأخرى غير عاقلة.

فالخالق خلق الشيء، وخلق الشيء الذي ضده، وخلق الشيء بين الشيئين  وهذا من قمة الإبداع والإعجاز..

فالخالق هنا سبق العقل المفطور على حب الفضول.

فإذا قلت، هل يستطيع الخالق أن يخلق كائنا أصم الحواس؟ كان الجواب نعم، الجماد مثلا.

هل يستطيع أن يخلق كائنا له حواس؟ كان الجواب نعم، الإنسان والحيوان مثلا.

هل يستطيع أن يخلق كائنا دون عقل؟ كان الجواب نعم، الحيوان مثلا.

هل يستطيع أن يخلق كائنا عاقلا؟ كان الجواب  نعم، الإنسان مثلا.

***

والآن السؤال الأخطر:

الأصل أن الخالق أو الصانع يخلق مخلوقات تطيع أمره قهرًا – أي رغم أنفها - فهل يستطيع أن يخلق مخلوقا يكون حرًا في اختياره، أن يطيع أو لا يطيع؟

الجواب نعم، أنت وأنا مثلا.

***

جدير بالذكر أن نسجل هذا الملاحظة المنطقية هنا في هذا الموضع من رحلتنا؛ وهي ملاحظة: أن الصانع سيد صنعته، أي أن الخالق سيد خلقه (إله)، لأنه فوق أنه خلقهم، فهو الذي وضع لهم قوانين الحركة والاختيار، فهو صاحب الأمر والنهي في الكون, فكل شيء خاضع له وليس حرًا طليقًا بعد خلقه..

ولا يغير من كونه سيدا "إلها" على خلقه، أن يكونوا مختارين في الاستجابة للطاعة أو عدم الاستجابة، لأن هذا الاختيار نفسه من صنع الخالق.

***

ads

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)