لماذا أباح الله للزوج تأديب الزوجة الناشز؟

0

يتسائل الكثيرين عن "لماذا أباح الله للزوج تأديب الزوجة الناشز"؟

نقول وبالله التوفيق :
للزوج على زوجته حق الطاعة 
وللزوجة على زوجها حق النفقة
والحق يمنح صاحبة سلطة لحماية هذا الحق 
هذه السلطة قد تكون مباشرة فيأخذ صاحب الحق حقه بنفسه 
وقد تكون غير مباشرة فيأخذ الحق فيها بطريق الغير (كاللجؤ للقضاء)
حق الطاعة هو حق ذو طبيعة سيادية لا يكون إلا بين آمر ومأمور .. لذلك هذا الحق يمنح صاحبه سلطة مباشرة لأن المأمور لابد أن أن يهاب الآمر ويخافه حتى يطيعه
أما حق النفقة فهو من الحقوق المالية التي تكون بين دائن ومدين فالعلاقة بينهما ليست علاقة تبعية
وطالما ليست تبعية فلا يجوز لأحد أن يقتضيها بنفسه بالقوة
 وحتى يقتضي أحد حقه من الآخر لابد من عرض الأمر على القضاء لأن المدين قد يكون معذور "فنظرة إلى ميسرة" فيمنحه القاضي أجل .. بينما الدائن لا يريد هذا الأجل .. 
كما أن التحقق من حالة العسرة تحتاج إلى أهل الخبرة وأصحاب القدرة على التحري عن حقيقة حال المدين هل هو معسر أم عنده أملا ويخفيها عن الدائنين 
وهذا يفسر لنا لماذا أباحت الشريعة للزوج تأديب زوجته الناشز, ولم يبح ذلك للزوجة في حال الزوج الناشز 
فالزوج قد ينشز هو أيضا يقول الله سبحانه :
(وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)

ولكن المرأة لا تضرب الرجل الناشز ولا القاضي وإنما ليس أمامها إلا خيار واحد هو الصلح .. لماذا؟

لأن نشوز الزوج واعراضه هو عدم رغبته فيها وهذا هو دافع الطلاق ولا نستطيع إجباره على إمساكها أو ابقائها على ذمته رغم أنفه 
وفي نفس الوقت هذا يبيح لها طلب الطلاق .. فهل يجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في زوجها (المعاشرة الزوجية) مقابل أن تظل على ذمته بدون أن تأثم الزوجة أو يأثم الزوج ... 
هذه الآية أجابت أنه نعم يجوز الصلح على ذلك .
فهذه الآية نزلت في سودة بنت زمعة لما أسنت أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها ، فآثرت الكون معه ، فقالت له : أمسكني واجعل يومي لعائشة ؛ ففعل صلى الله عليه وسلم ، وماتت وهي من أزواجه 

وقد وضعت الشريعة حدود استخدام سلطته على الزوجة بموجب حق الطاعة  

فبدأ بالموعظة .. والموعظة في هذا المقام تشمل تعليل الأمر وبيان فوائده وبيان عاقبة تركه 
فإذا لم تجدِ الموعظة إنتقلنا إلى المرحلة التالية وهي الهجر في المضاجع (زواج مع ايقاف التنفيذ) 
وهي صورة مصغرة من الطلاق وكأنه يقصد أن يبين لها أن الاستمرار في العصيان قد يؤدي إلى الفرقة التي سوف تجعلك تعانين من عدم اشباع حاجتك عاطفيا وجنسيا .. فهو هنا يجعل من الاشباع (حاجة) إذا أرادت شرائها فالعملة الوحيدة المقبولة هي الطاعة 
فإذا لم يصلحها هذا واستوى الزواج والطلاق عندها فهنا الشريعة أعطت للزوج حق حماية بيته وأسرته من التفكك خاصة إذا كان هناك أبناء يخشى عليهم من الضياع أن يلجأ إلى تأديبها .. 
ولا يجب المبالغة فيه إلى إلحاق الضرر والأذى لأن الزوج مقيد كذلك بقوله تعالى "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" 
فيجب أن يندرج الضرب تحت باب المعروف ومن أعمال المعروف تصويب المخطىء وتأديبه لمصلحة نفسه فألأم والأب حين تأدب صغيرها فهي إنما تصنع له معروفا في نفسه واخلاقه وفي مستقبل أيامه 

ولما كان التحكم في انفعالات النفس والرغبة في الانتقام فنحن هنا مع رأي الشيخ الطاهر ابن عاشور فقيه تونس وشيخ الاسلام 

ابن عاشور وضرب الزوجة الناشر 

العلامة الطاهر بن عاشور( شيخ المالكية , شيخ الاسلام في عصره ) في تفسيره المشهور التحرير والتنوير يقول :
" وأما الضرب فهو خطير وتحديده عسير ، ولكنه أذن فيه في حالة ظهور الفساد ، لأن المرأة اعتدت حينئذ ، ولكن يجب تعيين حد في ذلك ، يبين في الفقه ، لأنه لو أطلق للأزواج أن يتولوه ، وهم حينئذ يشفون غضبهم ، لكان ذلك مظنة تجاوز الحد ، إذ قل من يعاقب على قدر الذنب " 
كما يتبين لنا أن ابن عاشور يرى أن الضرب لما شرع كان ذلك فيما بين من لا يرى في الضرب إهانه وإضرارا 
وهو شائع في القبائل البدائية والمجتمعات البسيطة كالريفية اكثر من غيره 
أما في القبائل الحضرية أو المجتمعات الاكثر تحضرا فلم يكن ذلك مستساغا
وقد عبر النبي عن ذلك فقال : ولن يضرب خياركم 

يقول الطاهر ابن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير : 

" على أن أصل قواعد الشريعة لا تسمح بأن يقضي أحد لنفسه لولا الضرورة ، بيد أن الجمهور قيدوا ذلك بالسلامة من الإضرار ، وبصدوره ممن لا يعد الضرب بينهم إهانة وإضرارا . "
ثم ينتهي ابن عاشور إلى رأي فقهي يقضي بجواز النهي عن ضرب الزوجة الناشر من قبل ازواجهن , فيقول في تفسيره :
" فنقول : يجوز لولاة الأمور إذا علموا أن الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعها ، ولا الوقوف عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة ، ويعلنوا لهم أن من ضرب امرأته عوقب ، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج ، لا سيما عند ضعف الوازع ". انتهى الاقتباس
لهذا نرى أن لا مانع من تقييد هذا الحق بشروط قاسية تجعله أقرب إلى عدم الاستعمال
وقد انشأت مراكز متخصصة لحماية المرأة من العنف الأسري لهذا الغرض ساهمت في تقليل حدة التعنيف وإن لم يكن هذا كافيا في ظل دعاة سلفيون أجلاف غلاظ القلوب وغلاظ الفهم .
ads

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)